1 ـ الرواية:
تتناول الرواية، باعتبارها جنسا أدبيا، أحداثا محكية متنوعة تتحكم فيها شروط سياسية واقتصادية واجتماعية، وتسعى لأن تمثل الحقيقة وتعكس مواقف الإنسان وتشخص ما في الكون.
وقد أطلق النقاد العرب مصطلح الرواية على كل عمل سردي طويل نسبيا، وينهض على جملة من الأشكال والأصول منها:
ـ اللغة: والمفروض في المبدع أن يجنح بها إلى منطق الإبداع؛ فالأديب هو صانع اللغة ومنتشلها من المستوى المعجمي الميكانيكي الدلالة إلى المستوى الانزياحي الذي يجعلها أكثر حيوية وأوسع دلالة، إليها تتوق النفوس الظمأى فتسقى زلالا سلسبيلا..
ـ الشخصيات:
تسع شخصيات الرواية كل الفئات الاجتماعية على اختلاف الأهواء والهواجس والطبائع..
ـ الزمن: كمفهوم مجرد وذي سيرورة وهمية، يكون شاهدا على وقوع الحدث، ويتناول زمن الهزيمة والانتصار والتردي، والزمن النفسي
المكان: ما دمنا بصدد إبداع روائي محض فمن الأجدر ترجيح مصطلح "الحيز" على أساس أنه مكان لا حد له، يلازمنا في الصحو واليقظة معا
الحدث: والرواية أحداث متعاقبة توحي بها ظروف نفسية واجتماعية وتاريخية معينة، وتكون مبنية على أسس تجسدها السلوكات المتباينة والصراع المحتدم.. وجميع الأشكال السالفة الذكر تقوم بدورها على تقنيات معروفة أهمها: السرد والوصف والحبكة والصراع، إذ تبدو الشخصيات منسجمة حينا ومختلفة طورا، لينتهي بها المآل إلى نهاية مرسومة بكامل الدقة والعناية.
والكثير من الدارسين يرى أن المقدرة الإبداعية والموهبة الجوهرية للروائي تكمن في قدرته على ملاحظة تفاصيل السلوك الاجتماعي للأفراد والجماعات، بحيث تقدم الرواية للمتلقي واقعا خافيا عليه، وإن كان يدخل في إطار مشاهداته اليومية.. بمعنى أن الحدث من نسج المخيلة، وليس واقعا أعيد نقله بطريقة آلية، لأن هذا من اختصاص المؤرخ وبالتالي يدخل في إطار الحادثة التاريخية.. إن من الأهم خلال زمن الكتابة أن نضع في الاعتبار أولا من نبث فيهم خطابنا، أي ضرورة الأخذ بعين الاعتبار العلاقة بين السارد والمسرود له، قارئ متميز أو قارئ عادي، وذلك لعمري يعد لبنة أساسية في البناء السردي.
2 ـ القصة:
وفيما يتعلق بالقصة القصيرة فالمطلوب من القاص أن يقدم عمله في شقين: جانب جلي وجانب معتم، وعلى القارئ أن يجد ساعيا في نزع الحجب عن الشق الثاني وانتشاله من زخم ضبابه، وبذلك يكون قد شارك المبدع في القبض على الرؤيا وفك لغز الصور التي تشكلت بفعل لغة إبداعية مشحونة بالدلالات والقيم، وعليه فلا محالة للقاص من أن يجعل القارئ شريكا له، لا أن يقدم إليه الوجبة دسمة من غير أن يكلف نفسه عناء الإعداد والتحضير.
وإذ نحن بصدد الحديث عن القصة القصيرة أشير إلى ما يلي:
القصة موصوفة بنعت (قصيرة)، والقصر يشمل ما يلي:
ـ اختزال الحدث: (اندحار.. انتكاسة.. إحباط.. فشل.. صمود.. تحد و انتصار.. صراع نفسي يتأرجح بين الإقدام و الإحجام...)
ـ اختزال الشخصيات: غالبا ما يبنى النص السردي على شخصية واحدة أو اثنتين، ولئن تعددت الشخصيات أحيانا فلكونها ضرورة اقتضاها الحدث الرئيسي للمساهمة في نسجه وهيكلة بنائه..
ـ اختزال المكان: حيث تتحرك الشخصية، وقد تتفرع عنه أمكنة على اعتبار أنها روافد لنهر رئيسي..
ـ اختزال الزمن: يحصر فقهاء القصة القصيرة زمن الحدث في اليوم أو بعض اليوم، وفي هذه الحال تكون عملية الاسترجاع أو "الفلاش باك" ملحة وفي غاية الضرورة، لأنها تحرق المدة الزمنية وتختزلها، وبالتالي تسعف على كشف جوانب خفية في الشخصية، كظروف النشأة وكل ما يفترض أن يكون عاملا أساسيا وسببا محوريا لنتائج متوقعة. وتاج ذلك كله هو اللغة القصصية الإبداعية كما أشرت في حديثي عن الرواية.فلا الإبداع مشهود له بالخلق والابتكار إلا بلغة الإبداع حتى يتسنى فك الشفرات المغلفة بحجب الاستعارة والتشبيه وكل ضروب الكناية.
وفي النهاية آمل أن أكون قد أضأت بعض الجوانب المتعلقة بالموضوع، ملتمسا من الله التوفيق..
موضوع .كوم http://mawdoo3.com/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9تتناول الرواية، باعتبارها جنسا أدبيا، أحداثا محكية متنوعة تتحكم فيها شروط سياسية واقتصادية واجتماعية، وتسعى لأن تمثل الحقيقة وتعكس مواقف الإنسان وتشخص ما في الكون.
وقد أطلق النقاد العرب مصطلح الرواية على كل عمل سردي طويل نسبيا، وينهض على جملة من الأشكال والأصول منها:
ـ اللغة: والمفروض في المبدع أن يجنح بها إلى منطق الإبداع؛ فالأديب هو صانع اللغة ومنتشلها من المستوى المعجمي الميكانيكي الدلالة إلى المستوى الانزياحي الذي يجعلها أكثر حيوية وأوسع دلالة، إليها تتوق النفوس الظمأى فتسقى زلالا سلسبيلا..
ـ الشخصيات:
تسع شخصيات الرواية كل الفئات الاجتماعية على اختلاف الأهواء والهواجس والطبائع..
ـ الزمن: كمفهوم مجرد وذي سيرورة وهمية، يكون شاهدا على وقوع الحدث، ويتناول زمن الهزيمة والانتصار والتردي، والزمن النفسي
المكان: ما دمنا بصدد إبداع روائي محض فمن الأجدر ترجيح مصطلح "الحيز" على أساس أنه مكان لا حد له، يلازمنا في الصحو واليقظة معا
الحدث: والرواية أحداث متعاقبة توحي بها ظروف نفسية واجتماعية وتاريخية معينة، وتكون مبنية على أسس تجسدها السلوكات المتباينة والصراع المحتدم.. وجميع الأشكال السالفة الذكر تقوم بدورها على تقنيات معروفة أهمها: السرد والوصف والحبكة والصراع، إذ تبدو الشخصيات منسجمة حينا ومختلفة طورا، لينتهي بها المآل إلى نهاية مرسومة بكامل الدقة والعناية.
والكثير من الدارسين يرى أن المقدرة الإبداعية والموهبة الجوهرية للروائي تكمن في قدرته على ملاحظة تفاصيل السلوك الاجتماعي للأفراد والجماعات، بحيث تقدم الرواية للمتلقي واقعا خافيا عليه، وإن كان يدخل في إطار مشاهداته اليومية.. بمعنى أن الحدث من نسج المخيلة، وليس واقعا أعيد نقله بطريقة آلية، لأن هذا من اختصاص المؤرخ وبالتالي يدخل في إطار الحادثة التاريخية.. إن من الأهم خلال زمن الكتابة أن نضع في الاعتبار أولا من نبث فيهم خطابنا، أي ضرورة الأخذ بعين الاعتبار العلاقة بين السارد والمسرود له، قارئ متميز أو قارئ عادي، وذلك لعمري يعد لبنة أساسية في البناء السردي.
2 ـ القصة:
وفيما يتعلق بالقصة القصيرة فالمطلوب من القاص أن يقدم عمله في شقين: جانب جلي وجانب معتم، وعلى القارئ أن يجد ساعيا في نزع الحجب عن الشق الثاني وانتشاله من زخم ضبابه، وبذلك يكون قد شارك المبدع في القبض على الرؤيا وفك لغز الصور التي تشكلت بفعل لغة إبداعية مشحونة بالدلالات والقيم، وعليه فلا محالة للقاص من أن يجعل القارئ شريكا له، لا أن يقدم إليه الوجبة دسمة من غير أن يكلف نفسه عناء الإعداد والتحضير.
وإذ نحن بصدد الحديث عن القصة القصيرة أشير إلى ما يلي:
القصة موصوفة بنعت (قصيرة)، والقصر يشمل ما يلي:
ـ اختزال الحدث: (اندحار.. انتكاسة.. إحباط.. فشل.. صمود.. تحد و انتصار.. صراع نفسي يتأرجح بين الإقدام و الإحجام...)
ـ اختزال الشخصيات: غالبا ما يبنى النص السردي على شخصية واحدة أو اثنتين، ولئن تعددت الشخصيات أحيانا فلكونها ضرورة اقتضاها الحدث الرئيسي للمساهمة في نسجه وهيكلة بنائه..
ـ اختزال المكان: حيث تتحرك الشخصية، وقد تتفرع عنه أمكنة على اعتبار أنها روافد لنهر رئيسي..
ـ اختزال الزمن: يحصر فقهاء القصة القصيرة زمن الحدث في اليوم أو بعض اليوم، وفي هذه الحال تكون عملية الاسترجاع أو "الفلاش باك" ملحة وفي غاية الضرورة، لأنها تحرق المدة الزمنية وتختزلها، وبالتالي تسعف على كشف جوانب خفية في الشخصية، كظروف النشأة وكل ما يفترض أن يكون عاملا أساسيا وسببا محوريا لنتائج متوقعة. وتاج ذلك كله هو اللغة القصصية الإبداعية كما أشرت في حديثي عن الرواية.فلا الإبداع مشهود له بالخلق والابتكار إلا بلغة الإبداع حتى يتسنى فك الشفرات المغلفة بحجب الاستعارة والتشبيه وكل ضروب الكناية.
وفي النهاية آمل أن أكون قد أضأت بعض الجوانب المتعلقة بالموضوع، ملتمسا من الله التوفيق..
محمد غالمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق