الصوت لغوياً : « عرض يخرج مع النفس مستطيلاً متصلا حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنيه عن امتداده واستطالته ، فيسمى المقطع أينما عرض له حرفاً ، وتختلف أجراس الحروف بحسب اختلاف مقاطعها » (٢).
هذا التعريف لابن جني ( ت : ٣٩٢ هـ ) وهو معني بملامح الصوت اللغوي دون سواه ، بدليل تحديده مقاطع الصوت التي تثنيه عن الامتداد والاستطالة ، ويسمى وقفة الانثناء مقطعاً في صيغة اصطلاحية دقيقة ، نتناولها بالبحث في موضعه ، ويسمى المقطع عند الانثناء حرفاً ، ويميز بين الجرس الصوتي لكل حرف معجمي بحسب اختلاف مقاطع الأصوات ، فتلمس لكل حرف جرساً ، ولكل جرس صوتاً.
ولما كانت اللغة أصواتاً يعبر بها كل قوم عن أغراضهم (٣). فالصوت بوصفه لغوياً في هذه الدراسة يعني : تتبع الظواهر الصوتية لحروف المعجم العربي ، وفي القرآن العظيم بخاصة لأنه حقل البحث ، وذلك من حيث مخارج الأصوات ومدارجها ، وأقسامها وأصنافها ، وأحكامها وعللها ، ودلائلها وخصائصها في أحوال الجهر والهمس والشدة والرخاوة ، وملامح صوائتها وصوامتها في السكون وعند الحركة ، وضوابطها في الأطباق والانفتاح ، مما يتهيأ تنظيره من القرآن ، ويتوافر مثاله الفريد من الكتاب ،
__________________
(١) ظ : ابن خلدون ، المقدمة : فصل في صناعة الغناء.
(٢) ابن جني ، سر صناعة الأعراب : ١|٦.
(٣) ابن جني ، الخصائص : ١|٣٣.
١٥
ضمن موازنة محدثة ، ورؤية صوتية معاصرة ، استلهمت التراث في ثرائه ، وتنورت الجديد في إضاءته ، فسارت بين هذين مسيرة الرائد الذي لا يكذب أهله.
ومن هنا فقد توصل هذا البحث إلى أن الأوائل من علماء العربية قد مهدوا بين يدي الأوروبيين جادة البحث المنظم في استكناه الصوت اللغوي ، وأسهموا إسهاماً حقيقياً في إرساء ركائزه الأولى ، مما أتاح لهم فرصة الاستقرار المبكر لحقيقة الأصوات اللغوية ، وسهل عليهم خوض الموضوع بكل تفصيلاته المضنية ، وترويض جماح تعقيداته المتشعبة ، مما سجل للعرب في لغة القرآن أسبقية الكشف العلمي ، والتواصل إلى النتائج التي تواضعت عليها اليوم حركة الأصواتيين العالمية ، بعد المرور بتجربة المعادلات الكاشفة ، والأجهزة الفيزولوجية المتطورة التي أكدت صحة المعلومات الهائلة التي ابتكرها العرب في هذا الميدان. ومصطلح علم الأصوات مصطلح عربي أصيل ، لا شك في هذا لدنيا ، وعلة ذلك : النص على تسميته صراحة دون إغماض ، واستعمال مدلولاته في الاصطلاح الصوتي بكل دقة عند العرب القدامى ، يقول ابن جني ( ت : ٣٩٢ هـ ) : « ولكن هذا القبيل من هذا العلم ؛ أعني ( علم الأصوات ) والحروف ، له تعلق ومشاركة للموسيقي ، لما فيه من صنعة الأصوات والنغم »
تعريف الكحول : أنواع الكحول وما هي اضرارها
احكام الإدغام والمماثلة الصوتيةتعريف الادغام : أنواع الادغام
تعريف الخطابة : تعريف فن الخطابة
خصائص الخطابة: فن الخطابة والالقاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق